والآن مع شعار الجماعة:
الله غايتنا ، الرسول قدوتنا
القرآن دستورنا ، الجهاد سبيلنا،
والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا
هذا الشعار بمثابة ترنيمة روحية يتغنى بها أفراد الجماعة دوما فى ختام اعمالهم ومؤتمراتهم، كما يمثل تلخيصا سريعا لمبادئها وأهدافها ووسائلها.
فتعالوا نستعرض سريعا كل بند منها على حدة ونفهم المقصود والمراد منه
الله غايتنا ..
فالغاية من كل عمل وحركة يقدم عليها كل أخ من الإخوان المسلمين إنما يقصد به التوجه إلى الله عز وجلا أملا فى نيل ثوابه ورضاه. وهو ما ينفى أن يخالط العمل غاية اخرى من مكاسب أو مناصب.
وفى ذلك يقول الإمام البنا مخاطبا الإخوان : " واذكروا جيداً أيها الإخوان أنه ما من رجل يرجو بمناصرة هذه الدعوة والعمل تحت رايتها غاية من غايات الدنيا أو عرضاً من أعراضها ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات يدكم ، لا تعتمدون إلا علي الله ، ولا تستمدون المعونة والتأييد إلا منه ، ولا ترجون إلا ثوابه ولا تبتغون إلا وجهه , (وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً) (النساء:45) .
الرسول قدوتنا ...
فالرسول الكريم وسيرته العطرة قدوة لكل مسلم فى حياته، يقرأ فى صفحات سيرته كيف يكون أبا وزوجا كيف يكون قائدا وداعيا، كيف يكون عاملا ومتعبدا، وكيف يتعامل كمسلم مع مختلف امور الحياة، بمعنى آخر كيف يكون فى حياته اسلاما وقرآنا يمشى على قدمين كما كان الرسول الكريم كما تقول السيدة عائشة عنه صلى الله عليه وسلم "كان خلقه القرآن"، وهذا الاتباع والاقتداء انما هو اطاعة لأوامر الله عز وجل : "لأقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
القرآن دستورنا ..
ربما يجدر بنا أن نعود للخلف قليلا للحلقة الرابعة وفيها حديثنا عن الشعار المرسوم ونأخذ منه هذه الفقرة " اشارة للقرآن الكريم كلام الله منزل على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأنه الدستور والمنهج الذى تسير عليه جماعة الإخوان المسلمين، وتستقى من بين سوره وآياته فهمها لشمولية الاسلام، وتأخذ منه ضوابط وقيم وحدود مشروعها الاسلامى الذى أول ما يعنى يعنى بالفرد واصلاحه مرورا بالبيت والمجتمع والحكومة وانتهاء بنشر قيم الاسلام وسماحته وعدالته فى ربوع الأرض." فالقرآن مصدر لاحكام الدين وشرائعه ، منه تؤخذ وتستنبط وتستقي وتتعلم ، وهو أساس لأحكام الدنيا منه تستمد وعلي مواده الحكيمة تطبق.
الجهاد سبيلنا ..
يخطئ من يظن كلمة الجهاد إنما تعود فقط على ذلك المعنى الشائع عند الناس والذى شاع فى عصرنا الحالى بأنه جهاد القتال، رغم أن هذا الاصطلاح لغويا يعود على بذل ومضاعفة الجهد، بل وأن القرآن الكريم قد ذكر الجهاد فى أكثر من موضع بمعانى مختلفة غير القتال، وكان اذا تطرق للجهاد بالمفهوم الذى يظنه الناس المعنى الوحيد للجهاد كان يقدم جهاد المال وانفاقه على التضحية بالنفس والقتال، يقول المولى عز وجل
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ…." الأنفال /72
وهذا هو فهم الإخوان المسلمون للجهاد كما يقول الإمام البنا:
" فقد ورد في الصحيح ما معناه أن معاذاً رضى الله عنه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : (إن شئت يا معاذ حدثتك برأس هذا الأمر وذروة السنام منه . إن رأس هذا الأمر لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، وإن قوام هذا الأمر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله . إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علي الله عز وجل , والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا أغبرت قدم في عمل تبتغي به درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله ، ولا أثقل ميزان عبد كدابّه تنفق (أي تموت) في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله).
ذلك تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام وهو أعرف الناس بالإسلام وإن الإخوان المسلمين لا يحملون الناس علي غير الإسلام ومبادئ الإسلام ، ولا ينهجون إلا مناهج الإسلام وشعاب الإسلام .........
فلأتحدث إليك الآن عن الإخوان المسلمين المجاهدين ، وماذا يريدون من أنفسهم ومن الناس حيال الجهاد في سبيل الله وهو من الإسلام ذروة السنام .
من الجهاد في الإسلام أيها الحبيب : عاطفة حيه قويه تفيض حناناً إلى عز الإسلام ومجده ، وتهفو شوقاً إلى سلطانه وقوته ، وتبكي حزناً علي ما وصل إليه المسلمون من ضعف وما وقعوا فيه من مهانة ، وتشتعل ألماً علي هذا الحال الذي لا يرضي الله ولا يرضي محمداً عليه الصلاة والسلام ولا يرضي نفساً مسلمة وقلباً مؤمناً ...
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن يحملك هذا الهم الدائم والجوى اللاحق علي التفكير الجدي في طريق النجاح وتلمس سبيل الخلاص وقضاء وقت طويل في فكرة عميقة تمحص بها سبل العمل وتتلمس فيها أوجه الحيل لعلك تجد لأمتك منفذا أو تصادف منقذاً ، ونية المرء خير من عمله والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تنزل عن بعض وقتك وبعض مالك وبعض مطالب نفسك لخير الإسلام وبني المسلمين ..فإن كنت قائداً ففي مطالب القيادة تنفق ، وإن كنت تابعاً ففي مساعدة الداعين تفعل ، وفي كل خير , وكلا وعد الله الحسني , والله تبارك وتعالى يقول (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة:120-121) .
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تأمر بالمعروف وأن تنهي عن المنكر ، وأن تنصح لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وأن تدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وما ترك قوم التناصح الا ذلوا وما أهملوا التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر الا خذلوا , (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ , كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78-79) .
و من الجهاد في سبيل الله ايها الحبيب :أن تتنكر لمن تنكر لدينه وأن تقاطع من عادي الله ورسوله فلا يكون بينك وبينه صله ولا معامله ولا مؤاكله ولا مشاربه وفي الحديث : (إن أول ما دخل النقص علي بني اسرائيل انة كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فانه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو علي حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلو ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض).
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تكون جندياً لله تقف له نفسك ومالك لا تبقي علي ذلك من شئ . فإذا هدد مجد الإسلام وديست كرامة الإسلام ودوي نفير النهضه لاستعادة مجد الإسلام كنت أول مجيب للنداء وأول متقدم للجهاد , (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111) , وفي الحديث: (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات علي شعبة من النفاق) رواه مسلم وأبو داود والنسائي .وبذلك يتحقق ما يريد الله من نشر الإسلام حتى يعم الأرض جميعاً .
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تعمل علي إقامة ميزان العدل وإصلاح شئون الخلق وانصاف المظلوم والضرب علي يد الظالم مهما كان مركزه وسلطانه .
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان أو أمير جائر) رواه أبو داود والبخاري بمعناه ، وعن جابر رضي الله عنه : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) رواه ابن ماجه باسناد صحيح .
ومن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ان لم توفق إلى شئ من ذلك كله : أن تحب المجاهدين من كل قلبك وتنصح لهم بمحض رأيك وقد كتب الله لك بذلك الأجر وأخلاك من التبعة . ولا تكن غير ذلك فيطبع علي قلبك ويؤاخذك أشد المؤاخذة : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ , وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ , إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (التوبة:91-93) ."
الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا ..
وهى اشارة لبذل الغالى والعزيز، والثمين والنفيس فى سبيل الغاية والهدف الذى نسعى إليه، وليس أعز على مرء من التضحية بالنفس فإن هانت فى سبيل دعوته وفكرته، هان ما دونها. بل إن الأمر لدى الإخوان المسلمين قد فاق الهوان ليكون أمنية غالية، بل وأسمى الأمانى على الاطلاق، مادام الموت فى سبيل الله يمهد الطريق لعز هذا الدين ويعلى رايته ويحقق رفعته.
الله غايتنا ، الرسول قدوتنا
القرآن دستورنا ، الجهاد سبيلنا،
والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا
هذا الشعار بمثابة ترنيمة روحية يتغنى بها أفراد الجماعة دوما فى ختام اعمالهم ومؤتمراتهم، كما يمثل تلخيصا سريعا لمبادئها وأهدافها ووسائلها.
فتعالوا نستعرض سريعا كل بند منها على حدة ونفهم المقصود والمراد منه
الله غايتنا ..
فالغاية من كل عمل وحركة يقدم عليها كل أخ من الإخوان المسلمين إنما يقصد به التوجه إلى الله عز وجلا أملا فى نيل ثوابه ورضاه. وهو ما ينفى أن يخالط العمل غاية اخرى من مكاسب أو مناصب.
وفى ذلك يقول الإمام البنا مخاطبا الإخوان : " واذكروا جيداً أيها الإخوان أنه ما من رجل يرجو بمناصرة هذه الدعوة والعمل تحت رايتها غاية من غايات الدنيا أو عرضاً من أعراضها ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات يدكم ، لا تعتمدون إلا علي الله ، ولا تستمدون المعونة والتأييد إلا منه ، ولا ترجون إلا ثوابه ولا تبتغون إلا وجهه , (وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً) (النساء:45) .
الرسول قدوتنا ...
فالرسول الكريم وسيرته العطرة قدوة لكل مسلم فى حياته، يقرأ فى صفحات سيرته كيف يكون أبا وزوجا كيف يكون قائدا وداعيا، كيف يكون عاملا ومتعبدا، وكيف يتعامل كمسلم مع مختلف امور الحياة، بمعنى آخر كيف يكون فى حياته اسلاما وقرآنا يمشى على قدمين كما كان الرسول الكريم كما تقول السيدة عائشة عنه صلى الله عليه وسلم "كان خلقه القرآن"، وهذا الاتباع والاقتداء انما هو اطاعة لأوامر الله عز وجل : "لأقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
القرآن دستورنا ..
ربما يجدر بنا أن نعود للخلف قليلا للحلقة الرابعة وفيها حديثنا عن الشعار المرسوم ونأخذ منه هذه الفقرة " اشارة للقرآن الكريم كلام الله منزل على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأنه الدستور والمنهج الذى تسير عليه جماعة الإخوان المسلمين، وتستقى من بين سوره وآياته فهمها لشمولية الاسلام، وتأخذ منه ضوابط وقيم وحدود مشروعها الاسلامى الذى أول ما يعنى يعنى بالفرد واصلاحه مرورا بالبيت والمجتمع والحكومة وانتهاء بنشر قيم الاسلام وسماحته وعدالته فى ربوع الأرض." فالقرآن مصدر لاحكام الدين وشرائعه ، منه تؤخذ وتستنبط وتستقي وتتعلم ، وهو أساس لأحكام الدنيا منه تستمد وعلي مواده الحكيمة تطبق.
الجهاد سبيلنا ..
يخطئ من يظن كلمة الجهاد إنما تعود فقط على ذلك المعنى الشائع عند الناس والذى شاع فى عصرنا الحالى بأنه جهاد القتال، رغم أن هذا الاصطلاح لغويا يعود على بذل ومضاعفة الجهد، بل وأن القرآن الكريم قد ذكر الجهاد فى أكثر من موضع بمعانى مختلفة غير القتال، وكان اذا تطرق للجهاد بالمفهوم الذى يظنه الناس المعنى الوحيد للجهاد كان يقدم جهاد المال وانفاقه على التضحية بالنفس والقتال، يقول المولى عز وجل
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ…." الأنفال /72
وهذا هو فهم الإخوان المسلمون للجهاد كما يقول الإمام البنا:
" فقد ورد في الصحيح ما معناه أن معاذاً رضى الله عنه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : (إن شئت يا معاذ حدثتك برأس هذا الأمر وذروة السنام منه . إن رأس هذا الأمر لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، وإن قوام هذا الأمر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله . إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علي الله عز وجل , والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا أغبرت قدم في عمل تبتغي به درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله ، ولا أثقل ميزان عبد كدابّه تنفق (أي تموت) في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله).
ذلك تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام وهو أعرف الناس بالإسلام وإن الإخوان المسلمين لا يحملون الناس علي غير الإسلام ومبادئ الإسلام ، ولا ينهجون إلا مناهج الإسلام وشعاب الإسلام .........
فلأتحدث إليك الآن عن الإخوان المسلمين المجاهدين ، وماذا يريدون من أنفسهم ومن الناس حيال الجهاد في سبيل الله وهو من الإسلام ذروة السنام .
من الجهاد في الإسلام أيها الحبيب : عاطفة حيه قويه تفيض حناناً إلى عز الإسلام ومجده ، وتهفو شوقاً إلى سلطانه وقوته ، وتبكي حزناً علي ما وصل إليه المسلمون من ضعف وما وقعوا فيه من مهانة ، وتشتعل ألماً علي هذا الحال الذي لا يرضي الله ولا يرضي محمداً عليه الصلاة والسلام ولا يرضي نفساً مسلمة وقلباً مؤمناً ...
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن يحملك هذا الهم الدائم والجوى اللاحق علي التفكير الجدي في طريق النجاح وتلمس سبيل الخلاص وقضاء وقت طويل في فكرة عميقة تمحص بها سبل العمل وتتلمس فيها أوجه الحيل لعلك تجد لأمتك منفذا أو تصادف منقذاً ، ونية المرء خير من عمله والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تنزل عن بعض وقتك وبعض مالك وبعض مطالب نفسك لخير الإسلام وبني المسلمين ..فإن كنت قائداً ففي مطالب القيادة تنفق ، وإن كنت تابعاً ففي مساعدة الداعين تفعل ، وفي كل خير , وكلا وعد الله الحسني , والله تبارك وتعالى يقول (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة:120-121) .
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تأمر بالمعروف وأن تنهي عن المنكر ، وأن تنصح لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وأن تدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وما ترك قوم التناصح الا ذلوا وما أهملوا التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر الا خذلوا , (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ , كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78-79) .
و من الجهاد في سبيل الله ايها الحبيب :أن تتنكر لمن تنكر لدينه وأن تقاطع من عادي الله ورسوله فلا يكون بينك وبينه صله ولا معامله ولا مؤاكله ولا مشاربه وفي الحديث : (إن أول ما دخل النقص علي بني اسرائيل انة كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فانه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو علي حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلو ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض).
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تكون جندياً لله تقف له نفسك ومالك لا تبقي علي ذلك من شئ . فإذا هدد مجد الإسلام وديست كرامة الإسلام ودوي نفير النهضه لاستعادة مجد الإسلام كنت أول مجيب للنداء وأول متقدم للجهاد , (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111) , وفي الحديث: (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات علي شعبة من النفاق) رواه مسلم وأبو داود والنسائي .وبذلك يتحقق ما يريد الله من نشر الإسلام حتى يعم الأرض جميعاً .
ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تعمل علي إقامة ميزان العدل وإصلاح شئون الخلق وانصاف المظلوم والضرب علي يد الظالم مهما كان مركزه وسلطانه .
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان أو أمير جائر) رواه أبو داود والبخاري بمعناه ، وعن جابر رضي الله عنه : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) رواه ابن ماجه باسناد صحيح .
ومن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ان لم توفق إلى شئ من ذلك كله : أن تحب المجاهدين من كل قلبك وتنصح لهم بمحض رأيك وقد كتب الله لك بذلك الأجر وأخلاك من التبعة . ولا تكن غير ذلك فيطبع علي قلبك ويؤاخذك أشد المؤاخذة : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ , وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ , إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (التوبة:91-93) ."
الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا ..
وهى اشارة لبذل الغالى والعزيز، والثمين والنفيس فى سبيل الغاية والهدف الذى نسعى إليه، وليس أعز على مرء من التضحية بالنفس فإن هانت فى سبيل دعوته وفكرته، هان ما دونها. بل إن الأمر لدى الإخوان المسلمين قد فاق الهوان ليكون أمنية غالية، بل وأسمى الأمانى على الاطلاق، مادام الموت فى سبيل الله يمهد الطريق لعز هذا الدين ويعلى رايته ويحقق رفعته.