Monday, June 4, 2007

المنظومة الشكلية لجماعة الإخوان ... شعار الجماعة

والآن مع شعار الجماعة:

الله غايتنا ، الرسول قدوتنا
القرآن دستورنا ، الجهاد سبيلنا،
والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا

هذا الشعار بمثابة ترنيمة روحية يتغنى بها أفراد الجماعة دوما فى ختام اعمالهم ومؤتمراتهم، كما يمثل تلخيصا سريعا لمبادئها وأهدافها ووسائلها.
فتعالوا نستعرض سريعا كل بند منها على حدة ونفهم المقصود والمراد منه

الله غايتنا ..

فالغاية من كل عمل وحركة يقدم عليها كل أخ من الإخوان المسلمين إنما يقصد به التوجه إلى الله عز وجلا أملا فى نيل ثوابه ورضاه. وهو ما ينفى أن يخالط العمل غاية اخرى من مكاسب أو مناصب.
وفى ذلك يقول الإمام البنا مخاطبا الإخوان : " واذكروا جيداً أيها الإخوان أنه ما من رجل يرجو بمناصرة هذه الدعوة والعمل تحت رايتها غاية من غايات الدنيا أو عرضاً من أعراضها ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات يدكم ، لا تعتمدون إلا علي الله ، ولا تستمدون المعونة والتأييد إلا منه ، ولا ترجون إلا ثوابه ولا تبتغون إلا وجهه , (وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً) (النساء:45) .


الرسول قدوتنا ...

فالرسول الكريم وسيرته العطرة قدوة لكل مسلم فى حياته، يقرأ فى صفحات سيرته كيف يكون أبا وزوجا كيف يكون قائدا وداعيا، كيف يكون عاملا ومتعبدا، وكيف يتعامل كمسلم مع مختلف امور الحياة، بمعنى آخر كيف يكون فى حياته اسلاما وقرآنا يمشى على قدمين كما كان الرسول الكريم كما تقول السيدة عائشة عنه صلى الله عليه وسلم "كان خلقه القرآن"، وهذا الاتباع والاقتداء انما هو اطاعة لأوامر الله عز وجل : "لأقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"


القرآن دستورنا ..

ربما يجدر بنا أن نعود للخلف قليلا للحلقة الرابعة وفيها حديثنا عن الشعار المرسوم ونأخذ منه هذه الفقرة " اشارة للقرآن الكريم كلام الله منزل على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأنه الدستور والمنهج الذى تسير عليه جماعة الإخوان المسلمين، وتستقى من بين سوره وآياته فهمها لشمولية الاسلام، وتأخذ منه ضوابط وقيم وحدود مشروعها الاسلامى الذى أول ما يعنى يعنى بالفرد واصلاحه مرورا بالبيت والمجتمع والحكومة وانتهاء بنشر قيم الاسلام وسماحته وعدالته فى ربوع الأرض." فالقرآن مصدر لاحكام الدين وشرائعه ، منه تؤخذ وتستنبط وتستقي وتتعلم ، وهو أساس لأحكام الدنيا منه تستمد وعلي مواده الحكيمة تطبق.


الجهاد سبيلنا ..

يخطئ من يظن كلمة الجهاد إنما تعود فقط على ذلك المعنى الشائع عند الناس والذى شاع فى عصرنا الحالى بأنه جهاد القتال، رغم أن هذا الاصطلاح لغويا يعود على بذل ومضاعفة الجهد، بل وأن القرآن الكريم قد ذكر الجهاد فى أكثر من موضع بمعانى مختلفة غير القتال، وكان اذا تطرق للجهاد بالمفهوم الذى يظنه الناس المعنى الوحيد للجهاد كان يقدم جهاد المال وانفاقه على التضحية بالنفس والقتال، يقول المولى عز وجل
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ…." الأنفال /72

وهذا هو فهم الإخوان المسلمون للجهاد كما يقول الإمام البنا:

" فقد ورد في الصحيح ما معناه أن معاذاً رضى الله عنه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : (إن شئت يا معاذ حدثتك برأس هذا الأمر وذروة السنام منه . إن رأس هذا الأمر لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، وإن قوام هذا الأمر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله . إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم علي الله عز وجل , والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا أغبرت قدم في عمل تبتغي به درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله ، ولا أثقل ميزان عبد كدابّه تنفق (أي تموت) في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله).

ذلك تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام وهو أعرف الناس بالإسلام وإن الإخوان المسلمين لا يحملون الناس علي غير الإسلام ومبادئ الإسلام ، ولا ينهجون إلا مناهج الإسلام وشعاب الإسلام .........

فلأتحدث إليك الآن عن الإخوان المسلمين المجاهدين ، وماذا يريدون من أنفسهم ومن الناس حيال الجهاد في سبيل الله وهو من الإسلام ذروة السنام .

من الجهاد في الإسلام أيها الحبيب : عاطفة حيه قويه تفيض حناناً إلى عز الإسلام ومجده ، وتهفو شوقاً إلى سلطانه وقوته ، وتبكي حزناً علي ما وصل إليه المسلمون من ضعف وما وقعوا فيه من مهانة ، وتشتعل ألماً علي هذا الحال الذي لا يرضي الله ولا يرضي محمداً عليه الصلاة والسلام ولا يرضي نفساً مسلمة وقلباً مؤمناً ...
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان

ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن يحملك هذا الهم الدائم والجوى اللاحق علي التفكير الجدي في طريق النجاح وتلمس سبيل الخلاص وقضاء وقت طويل في فكرة عميقة تمحص بها سبل العمل وتتلمس فيها أوجه الحيل لعلك تجد لأمتك منفذا أو تصادف منقذاً ، ونية المرء خير من عمله والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .

ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تنزل عن بعض وقتك وبعض مالك وبعض مطالب نفسك لخير الإسلام وبني المسلمين ..فإن كنت قائداً ففي مطالب القيادة تنفق ، وإن كنت تابعاً ففي مساعدة الداعين تفعل ، وفي كل خير , وكلا وعد الله الحسني , والله تبارك وتعالى يقول (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة:120-121) .

ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تأمر بالمعروف وأن تنهي عن المنكر ، وأن تنصح لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وأن تدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وما ترك قوم التناصح الا ذلوا وما أهملوا التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر الا خذلوا , (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ , كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78-79) .

و من الجهاد في سبيل الله ايها الحبيب :أن تتنكر لمن تنكر لدينه وأن تقاطع من عادي الله ورسوله فلا يكون بينك وبينه صله ولا معامله ولا مؤاكله ولا مشاربه وفي الحديث : (إن أول ما دخل النقص علي بني اسرائيل انة كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فانه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو علي حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلو ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض).

ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب : أن تكون جندياً لله تقف له نفسك ومالك لا تبقي علي ذلك من شئ . فإذا هدد مجد الإسلام وديست كرامة الإسلام ودوي نفير النهضه لاستعادة مجد الإسلام كنت أول مجيب للنداء وأول متقدم للجهاد , (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111) , وفي الحديث: (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات علي شعبة من النفاق) رواه مسلم وأبو داود والنسائي .وبذلك يتحقق ما يريد الله من نشر الإسلام حتى يعم الأرض جميعاً .

ومن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب: أن تعمل علي إقامة ميزان العدل وإصلاح شئون الخلق وانصاف المظلوم والضرب علي يد الظالم مهما كان مركزه وسلطانه .
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان أو أمير جائر) رواه أبو داود والبخاري بمعناه ، وعن جابر رضي الله عنه : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) رواه ابن ماجه باسناد صحيح .

ومن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ان لم توفق إلى شئ من ذلك كله : أن تحب المجاهدين من كل قلبك وتنصح لهم بمحض رأيك وقد كتب الله لك بذلك الأجر وأخلاك من التبعة . ولا تكن غير ذلك فيطبع علي قلبك ويؤاخذك أشد المؤاخذة : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ , وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ , إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (التوبة:91-93) ."

الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا ..

وهى اشارة لبذل الغالى والعزيز، والثمين والنفيس فى سبيل الغاية والهدف الذى نسعى إليه، وليس أعز على مرء من التضحية بالنفس فإن هانت فى سبيل دعوته وفكرته، هان ما دونها. بل إن الأمر لدى الإخوان المسلمين قد فاق الهوان ليكون أمنية غالية، بل وأسمى الأمانى على الاطلاق، مادام الموت فى سبيل الله يمهد الطريق لعز هذا الدين ويعلى رايته ويحقق رفعته.

المنظومة الشكلية لجماعة الإخوان ... مصحف وسيفان



والآن مع هذا الموضوع حول شعار جماعة الإخوان المسلمين "مصحف وسيفان"
هل السيف دلالة للعنف والارهاب. ولماذا المصحف؟

المصحف ...

اشارة للقرآن الكريم كلام الله منزل على خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وأنه الدستور والمنهج الذى تسير عليه جماعة الإخوان المسلمين، وتستقى من بين سوره وآياته فهمها لشمولية الاسلام، " إن القرآن الكريم كتاب جامع جمع الله فيه أصول العقائد و أسس المصالح الاجتماعية , و كليات الشرائع الدنيوية , فيه أوامر وفيه نواهيه" وتأخذ منه ضوابط وقيم وحدود مشروعها الاسلامى الذى أول ما يعنى يعنى بالفرد واصلاحه مرورا بالبيت والمجتمع والحكومة وانتهاء بنشر قيم الاسلام وسماحته وعدالته فى ربوع الأرض.


السيفان ...

ليس استخدام السيفين تعبير عن القوة فحسب، بقدر ما هو رمز يعبر عن الأصالة والشيم الأخلاق الكريمة، بما للسيف من قيمة وشرف فى تاريخ هذه الأمة وماضيها. رمز يعبر عن العزة والرفعة والاباء

وإن كان فى ذات الوقت يشير السيف للقوة الرشيدة التى لا تستخدم إلا بحقها ولا تستخدم إلا فى وقتها، وحقها ووقتها هو الدفاع عن أراضى الإسلام والزود عن حياضه، فهو إذن سيف وقوة محكومة بتعاليم الإسلام وأحكام القرآن الذى يعلو على السيف.
يقول فى ذلك الأستاذ عمر التلمسانى فى كتابه ذكريات لا مذكرات :

".. أنهم يسفهون رأى الامام الشهيد فى ربط المصحف بالسيف رباطا رقيقا دقيقا مع إيمان الإخوان بأن الاسلام دين إقناع وحجة وبرهان إن هذا الظن أو هذا التسفيه لا يمكن أن يصدر من عقل به ذرة من سلامة التفكير . أنظر الى العالم كله فى جميع قاراته ألا ترى أن الدعوة الى السلام قائمة على قدم وساق بالمؤتمرات وأجهزة الاعلام وكتب الداعين الى السلام .
ألا ترى أن إسرائيل نفسها تتباكى طالبة العيش فى سلام داخل حدود آمنة ؟ هل مر بنا يوم لم نقرأ فيه شيئا عن السلام العالمى والرغبة الملحة فى أن يسود الدنيا السلام حتى كدنا نمل من كلمة السلام العالمى التى يستعملها المرشحون لرئاسة دولهم ؟ ثم ماذا نرى بعد هذا ؟ نرى العالم كله يتبارى فى اختراع الأسلحة المهلكة المبيدة للبشرية وتنفق فى سبيل اختراع وسائل الدمار ألوف الألوف من الملايين ثم تدعى كل أمة بعد ذلك أنها أمة السلام والأمان والهدوء والاطمئنان . لماذا كل هذا ؟

أليس للدفاع عن الحرية المزعومه والسلام المنشود. إن الورد يحتاج الى شوك يحميه والاسلام دين السلام والدعوة اليه لا تكون إلا بالاقناع والدليل { أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن } . ولم يقبل رسول الله صلى ا لله عليه وسلم إلا هذا فى بدء الرسالة رغم ما أنزله المشركون بالمسلمين من تشريد وتعذيب وقتل . وكان الرسول يمر على المعذبين فيقول " صبرا آل ياسر إنى لا أملك لكم من الأمر شيئا إن موعدكم الجنة “ ..ولما أذته ثقيف لم يهمه من أمر كل هذا الايذاء إلا رغبته فى ألا يكون بربه غضب عليه وصبر على الايذاء حتى اضطر الى هجرة أول أرض مس ترابها جسده الشريف . وياليتهم لما هاجر تركوه ولكنهم أمعنوا فى تهديده ومحاولة القضاء على دعوته ومهاجمته فى عقر مهجره فاضطر ولا مناص الىا لدفاع عن عقيدته ومن آمن بها وهكذا كان الامام الشهيد أسوة حسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ رأى محقا أن الحق لا بد أن تكون له قوة تدافع عنه وتحميه تنفيذا لقوله تبارك وتعالى { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم } ولعله لم يفتك فى مقام الاعداد أنه كان للإرهاب لا للقتال ولا للاعتداء ولا للاستعمار والاستعباد .

وهذه معاهدة السلام التى عقدت مع اسرائيل .. ما بال حكومتنا تقوى جيشها وتدعمه وهى داخلة فى معاهدة سلام ! هل يعد هذا الجيش لمحاربة المسلمين ؟ أبدا ولا يمكن ! هل تنفق الأموال الطائلة فى تسليح جيشنا سفها وتبذيرا ؟ لا وألف مرة ولكن حق كل أمة فى الحياة يحتم عليها أن تكون قوية مرهوبه الجانب لا يعتدى عليها أحد أو يسلب حريتها .. هكذا فعل الامام الشهيد إذ كانت مصر محتلة واليهود يطأون أرض فلسطين فأراد أن يلفت نظر المسلمين الى أن الاسلام الضعيف الواهى المتخاذل يكون نهبة لكل ناهب ومطمعا حتى لشذاذ الآفاق ومن لا يستطيع الدفاع حتى عن نفسه . حقيقة أراد الامام الشهيد أن يقيمها أمام أنظار المسلمين يوم أن وضع المصحف بين سيفين إن هذا الشعار الذى لا يرضى أعداء الاسلام لا يزال ألزم لنا من أى وقت مضى ..
اليهود احتلوا الجولان وغزوا لبنان ويهودون الضفه الغربية وغزة ويعتدون على المساجد ليحولوها الى معابد يهودية وسيناء لا تزال مجردة من السلاح رغم كل ما يقال عن عودتها إلينا . لهذا وضع الامام الشهيد العقيدة بين شفرتى السيفين حتى يظل المسلمون ذاكرين لكل بلادهم السليبة المنهوبه وسيظل هذا الشعار الاخوان المسلمين الى أن تحرر كل أرض إسلامية من احتلال عسكرى أو سياسى أو إقتصادى أو فكرى وسيظلون يعدون أنفسهم لتحقيق قوله تبارك وتعالى : { وجاهدوا فى الله حق جهاده } . "


وبقى أخيرا أن نشير أن كثيرا من أعلام الدول ورموزها تحمل مثل هذه الرموز كأعلام العديد من الدول الأوروبية التى تتخذ السيف رمزا أو الصقر أو الأسد ولم يعب عليها ذلك

المنظومة الشكلية لجماعة الإخوان ... لماذا التحزب والتقسيم لجماعات

هناك أناس مخلصون يرون أن الجماعات ما هى إلا سبب لفرقة والتقسيم بين أبناء الأمة خاصة مع ما نره من تعصب بعض العاملين فى هذه الجماعات لجماعتهم دون غيرها ومهاجمتهم للعاملين للإسلام فى أى حقل دعوى آخر غير حقله مما يزكى روح الفرقة والاختلاف، فى جوعام كان الأولى فيه أن يكون المسلمون على قلب رجل واحد فى مواجهة ما يحاك بهم ويكاد لتدمير هويتهم وأمتهم.

وبالفعل نرى هناك على الساحة خلافات بين بعض أفراد الحركات الاسلامية التى تختلف فى الوسائل والمناهج، ولكن هناك ملحوظات على هذه الخلافات:
1- أنه لا يجب تعميمها، فأكثر العاملين فى مجال الحركة الاسلامية إن لم نقل جلهم يحترم العاملين معه فى ذات الحقل الدعوى حتى وان كان فى جماعة أخرى. ولا سيما نرى ذلك فى كبارات وعلماء وقادة هذه الحركات الاسلامية.

2- أن السبب فى هذه النزاعات لا يجب أن نرجعه لوجود جماعات متعددة تعمل على الساحة، وإنما يتم إرجاعه لسلوك الأفراد ذاتهم وقلة خبراتهم سواء بعدم تحصيلهم العلم والسلوك الكافيين لتقويم تعامله مع الآخرين فى الجماعات الأخرى، أو يرجع إلى تقصير من جماعته فى توضيح ذلك المفهوم والمعنى لأفرادها.

والآن دعونا نقف عند النقاط التالية

1-
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ".افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل ومن هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي وفي لفظ : " هي الجماعة " .
فما هو موقف الجماعات الاسلامية على الساحة من هذا الحديث ؟ولماذا تـختلف الأمة إلى جماعات؟

2-ما هى ضرورة العمل الجماعى؟ وما هو حكمه الشرعى؟

3-من مواقف وأقوال العلماء فى العمل الجماعى

4-ما هى ضوابط الجماعات الاسلامية؟

5-الإخوان المسلمين وموقفهم من الجماعات المختلفة؟


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ".افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل ومن هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي وفي لفظ : " هي الجماعة " .
فما هو موقف الجماعات الاسلامية على الساحة من هذا الحديث ؟ولماذا تـختلف الأمة إلى جماعات؟

أوضح العلماء أن الجماعات المقصودة فى الحديث انما مقصود بها الجماعات المختلفة فى العقيدة، أما الجماعات العاملة للإسلام انطلاقا من عقيدة صحيحة هى عقيدة أهل السنة والجماعة، كجماعة الغخوا المسلمين والتبليغ والدعوة والجماعة السلفية وانصار السنة و... و ... غيرها، فإنها غير مقصودة فى ذلك الحديث، بل وذهب العلماء لوجوبها او استحسانها كما سيأتى لاحقا فى ساؤل حول العمل الجماعى وحكمه الشرعى.
وجاء فى فتوى من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالسعودية : " كما أن كل من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية، إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكنهم تتفاوت درجاتهم قوةً وضعفاً بقدر إصابتهم للحق وعملهم به وخطئهم في فهم الأدلة والعمل. فأهداهم أسعدهم بالدليل فهماً وعملاً. فاعرف وجهات نظرهم، وكن مع أتبعهم للحق وألزمهم له، ولا تبخس الآخرين إخوتهم في الإسلام، فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق حيثما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل، فالحق رائد المؤمن، وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل.أ.هـ

ولعل السبب فى وجود هذه الجماعات المختلفة فى عصرنا الحالى يرجع إلا أن الحياة أصبحت أكثر تعقيدا وتشعبا، مما سيؤدى بالضرورة لدى أبناء الحركة الإسلامية إلى اختلافات فى الأولويات والوسائل، نشأت منه وعنه هذه الجماعات المختلفة. التى ترمى للحفاظ على الفرد المسلم فى ذاته أو اعادة الرفعة والوجدة لأبناء هذا الدين خاصة مع انتشار المسلمين فى شتى بقاع الأرض و غياب مؤسسة حقيقية ترعى مصالح المسلمين وتعيد بناء الفرد المسلم.

ويقول الشيخ بن باز حول تعربفه للجماعة فى هذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فإذا وجد إنسان أو جماعة تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتدعو إلى توحيد الله واتباع شريعته فهؤلاء هم الجماعة ، وهم من الفرقة الناجية ، وأما من دعا إلى غير كتاب الله ، أو إلى غير سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا ليس من الجماعة ، بل من الفرق الضالة الهالكة ، وإنما الفرقة الناجية : دعاة الكتاب والسنة ، وإن كانت منهم جماعة هنا وجماعة هناك ما دام الهدف والعقيدة واحدة ، فلا يضر كون هذه تسمى : أنصار السنة ، وهذه تسمى : الإخوان المسلمين ، وهده تسمى : كذا ، المهم عقيدتهم وعملهم ، فإذا استقاموا على الحق وعلى توحيد الله والإخلاص له واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا وعقيدة فالأسماء لا تضرهم ، لكن عليهم أن يتقوا الله ، وأن يصدقوا في ذلك ، وإذا تسمى بعضهم بـ : أنصار السنة ، وتسمى بعضهم بـ : السلفيين ، أو بالإخوان المسلمين ، أو تسمى بعضهم بـ : جماعة كذا ، لا يضر إذا جاء الصدق ، واستقاموا على الحق باتباع كتاب الله والسنة وتحكيمهما والاستقامة عليهما عقيدة وقولا وعملا ، وإذا أخطأت الجماعة في شيء فالواجب على أهل العلم تنبيهها وإرشادها إلى الحق إذا اتضح دليله .


ما هى ضرورة العمل الجماعى؟ وما هو حكمه الشرعى؟
ما هى ضرورة العمل الجماعى؟ وما هو حكمه الشرعى؟
ترجع ضرورة العمل فى جماعة إلى شقين هما:

1- ضرورة واقعية 2- فريضة شرعية

أولا : هذه الجماعات لها ضرورة واقعية ومميزات بالتفكير العقلى:

1- المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه
يقول الدكتور القرضاوى:

"والواقع يُرينا أن المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، وأن جهود الأفراد مهما توافر لها من إخلاص، لا تستطيع أن تُؤثر التأثير المطلوب لتحقيق الهدف المنشود؛ لأنها ضعيفة الطاقة، محدودة المدى، وقْتية التأثير. وقد يكون الأفراد كثيرين، ولكن تعدد الاتجاهات، واختلاف المسالك، وفقدان الربط والتنسيق بين العاملين، يُبعثر الجهود ويضعف من تأثيرها. أما العمل الجماعي، فيضم الجهود بعضها إلى بعض، وينسق بينها ويوجهها إلى خدمة الهدف المقصود، ويجعل من اللَّبنات الضعيفة بمفردها بُنيانًا مرصوصًا يشدُّ بعه بعضًا "

ويقول د.وليد احمد فتيحى :

"والواقع يحتم أن يكون العمل المثمر جماعياً، فاليد الواحدة لا تصفق، والمرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه، ضعيف بمفرده، قوي بجماعته، والأعمال الكبيرة لا تتم إلا بجهود متضافرة، والمعارك الحاسمة لا يتحقق النصر فيها إلا بتضام الأيدى"


2- الهجمة على الإسلام تقاد من قبل منظمات وجماعات لذا لا تقابل إلا بجهد حماعى
يقول د.عبد الحميد البلالى:

يجتهد ويتعاون أعدا الإسلام لمحاربته من خلال التجمعات والأحزاب والهيئات فإذا أمام هذه الهجمات المنظمة المتتالية،" وهذه المنظمات الكثيرة التي تعمل ليل نهار للقضاء على دين الإسلام، وهذه الملايين من الدولارات التي تنفق لهذا المخطط الرهيب… هل يمكن أن نقابل كل ذلك بجهود فردية؟ لا يمكن أن يقول بذلك عاقل، فالجهود الجماعية لا تقابل إلا بجهود جماعية والتخطيط يقابل بالتخطيط والجهد يقابل بجهد يقابله أو يزيد عنه.


أما عن المميزات:
مميزات تعود على الفرد نفسه:
1- صحبة تعينه على الخير وتعنى به وتحافظ عليه.
2- المساعدة فى اكتشاف مواهبه وقدراته وتنميتها.
3- التنافس المحمود
أن هذا التنوع من شأنه أن يثير التنافس المحمود بين الجماعات، بما يعود بالنفع على الحركة الإسلامية ذاتها.

4- تنوع يفيد التكامل
هذا التمايز إنما نشأ عن اختلاف فى الأولويات والوسائل والمناهج، مما يفيد بالحفاظ على جوانب الدين المختلفة كلها بحسب ترتيب أولوية هذه الجوانب عند كل جماعة، فواحدة تهتم بالثقافة والعلم الشرعى فى أولى أولوياتها وأخرى تركز الاهتمام على الجانب التعبدى وعلاقة العبد بربه، وثالثة تعنى بالاسلام وتطبيقاته فى نواحى الحياة المختلفة، ورابعة تقدم الخدمات الاجتماعية والمشروعات الخيرية.

5- تنوع يستوعب كل من يحب العمل للإسلام على اختلاف المواهب والقدرات
أن هذا التنوع يؤدى بالتبعية إلى فتح مجالات متعددة تمكن من استيعاب كل الراغبين فى العمل من أجل الإسلام، كل بحسب تفكيره ومواهبه. فمن يحب تحصيل العلم الشرعى بالأساس بمكنه أن ينضوى تحت هذه المجموعة، ومن يفضل التحرك فى الخدمات الاجتماعية والمشاريع الخيرية فعليه بتلك وهكذا..




ثانيا: العمل للإسلام فريضة شرعية
من لم يتفق من العلماء على وجوب العمل الجماعى، فهو لم ينكره بل أقره وفق ضوابط.
إلا أن الكثير من العلماء يذهبون لوجوب العمل الجماعى للإسلام، وضرورة الحركة للإسلام داخل منظومة جماعية، وساقوا على ذلك الأدلة النقلية من الكتاب والسنة واجتهادات العلماء، بالضافة لاستقراء التاريخ ومواقف أئمة الإسلام على مدار سيرهم وحياتهم.

1- روح الإسلام تقوم على الجماعة
تقوم العديد من شعائر وعبادات هذا الدين على الجماعية، وتضامن المسلمين وتوحدهم، ولذا كان أجر الصلاة جماعة يفضل صلاة الفذ، فالدين يأمرنا بالاتحاد والتعاون على البر والتقوى، والعمل للإسلام من أخص أعمال البر والتقوى وأهمها وأشدها خطرًا.
ويقول د.عبد الحميد البلالى

وقد " أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بتأمير مسئول للركب "إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم" (رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن مسعود)، وكذلك تعيين أمير للحج. وهناك أحاديث كثيرة صحيحة في هذا الشأن، فإذا كانت الجماعة التي لا تتجاوز ثلاثة في الحج والسفر أمرها ملزم شرعيا، فكيف بجماعة يقومون بما هو أعم وأشمل من الحج وأهم من أمر السفر العادي وهو الدعوة إلى الله تعالى." واقامة شرعه فى الأرض ووالتمكين لهذا الدين.


وهكذا تتعدد الخطابات القرآنية للمجتمع المسلم فى خطاب جماعى، ونصائح توحى وتلزم المؤمن بأن يعيش فى جو جماعى لا ان يعيش منفردا منعزلا.
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"
"والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"


2-ولتكن منكم أمة
يقول الدكتور القرضاوى:


والأمة ليست مجموعةَ أفراد مُتناثرين ولا مجرد جماعة، جاء في تفسير المنار:
"والصواب أن الأمة أخصُّ من الجماعة، فهي الجماعة المُؤلفة مِن أفراد لهم رابطةٌ تضمهم ووحدة يكونون بها كالأعضاء في بنْية الشخص".
والقرآن يُطالبنا فيقول: (ولْتَكُنْ منْكمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ، وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ). (آل عمران: 104)


3- ما لا يتم الواجب به فهو واجب
يقول الدكتور القرضاوى:


والقاعدة الشرعية تُقرر: "أن ما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب"، وإقامة مجتمع إسلامي تحكمه عقيدة الإسلام وشريعته، أمر واجب، ولا سبيل إلى تحقيق هذا الواجب إلا بجماعة وأمة.




4- المؤمنون بعضهم أولياء بعض
يقول الدكتور القرضاوى:

وإذا نظرنا إلى القوى المُناوئة للإسلام ـ على اختلاف أسمائهم وأهدافها ووسائلها ـ وجدناهم يعملون في صورة جماعاتٍ وتكتُّلات وأحزاب وجبهات، ولا يُقبل ـ في ميزان الشرع لا العقل ـ أن يُقابل الجهد الجماعي المنظم، بجهود فردية مُبعثرة، وإنما يُقابل التكتل بتكتُّل مثله أو أقوى منه، ويُقابل التنظيم بالتنظيم، كما قال أبو بكر لخالد: حاربْهم بمثل ما يُحاربونك به السيف بالسيف، والرمح بالرمح، والنَّبْل بالنبل.
وإلى هذا يُشير قوله ـ تعالى ـ: (والذينَ كَفَرُوا بعْضُهُمْ أولياءُ بعضٍ، إلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرضِ وفَسَادٌ كَبِيرٌ). (الأنفال: 73).. أيْ: إنْ لم يُوالِ بعضكم بعضًا: وينصر بعضكم، كما يفعل الكفار، تحدث الفتْنة والفساد، لاتِّحادهم وتفرُّقكم وتناصُرهم وتَخاذُلكم.



5- لم يرد من الدين ما يحرم ذلكيقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:

"ونقول إنه لم يأت في كتاب ولا سنة ولا قول لأي من سلف الأمة ينهى فيه أن تتجمع جماعة من المسلمين على فعل خير وبر وتقوى، فكيف تؤصلون أصلاً لا سند له من كتاب ولا سنة ولا قول سلف صالح من هذه الأمة، بل الكتاب والسنة والإجماع كلهم داعون إلى التعاون على البر والتقوى، والتآزر، والجهاد الجماعي من أجل رفعة الدين، وجعل كلمة الله هي العليا في الأرض كلها، ودحر الباطل وأهله في كل مكان."

من مواقف وأقوال العلماء فى العمل الجماعى
وينقل لنا التاريخ مواقف وأقوال العديد من علماء المسلمين والذين تحركو فى جهادهم ودعوتهم فى عمل جماعى..

ابن تيمية وشرعية العمل الجماعي:

اسمع قول ابن تيمية في شرعية العمل الجماعي، مما لا تكاد تصدق أنه من كلام القدماء يقول رحمه الله:
وأما لفظ الزعيم فإنها مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين، قال تعالى: "ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم" فمن تكفل طائفة فإنه يقال: هو زعيم، فإن كان قد تكفل بخير كان محمودا على ذلك وأن كان شرا كان مذموما على ذلك، وأما رئيس الحزب، فإنه رأس الطائفة التي تتحزب أي تصير حزبا فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان، فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا، مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل وإعراض عمن في حزبهم، سواء كان على الحق أو الباطل، فهذا من التفرق الذي ذمه الله ورسوله، فإن الله ورسوله، أمر بالجماعة والائتلاف، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان.
وقد أقام الله عز وجل الأمر بالمعروف علامة فارقة بين الإيمان والنفاق، يقول الله عز وجل: "المنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون" التوبة 66.
ويقول أيضا: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم". التوبة 71.
ليس الدين مجرد ترك المحرمات الظاهرة بل القيام بجميع ذلك بالأوامر المحبوبة لله تعالى أيضا وأكثر الديانين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس.
وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ورسوله، ودينه وكتابه فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلا عن أن يريدوا فعلها وفضلا عن أن يفعلوها.
وأقل الناس دينا وأمقتهم إلى الله، من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جميعا، وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويتمعر لله ويغضب لحرماته، ويبذل ماله في سبيل نصرة دينه.
والنبي صلى الله عليه وسلم كانت ساعاته موقوفة على الجهاد وقلبه ولسانه ويده، ولهذا كان أرفع العاملين ذكرا وأعظمهم عند الله مقدرة.


رأى الإمام أبو حنيفةوأبو حنيفة يرى ضرورة العمل الجماعي والالتقاء على رجل صالح، ونسوق هذه القصة والتى تؤكد ذلك
قال ابن المبارك: لما بلغ أبا حنيفة قتل إبراهيم الصائغ بكى حتى ظننا أنه سيموت، فخلوت به، فقال: كان والله رجلاً عاقلاً، ولقد كنت أخاف عليه هذا الأمر.
فقال ابن المبارك : وكيف كان سببه؟
قال أبو حنيفة: كان يقدم ويسألني، وكان شديد البذل لنفسه في طاعة الله، وكان شديد الورع، وكنت ربما قدمت إليه الشيء فيسألني عنه ولا يرضاه ولا يذوقه، وربما رضيه فأكله، فسألني عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن اتفقنا أنه فريضة من الله تعالى فقال لي: مد يدك حتى أبايعك، فأظلمت الدنيا بيني وبينه،
فقال ابن المبارك: ولم؟
قال أبو حنيفة: دعاني إلى حق من حقوق الله فامتنعت عليه وقلت له:إن قام به رجل وحده قتل، ولم يصلح للناس أمر، ولكن إن وجد عليه أعوانًا صالحين ورجلاً يرأس عليهم مأمونًا على دين الله لا يحول. وكان كلما قدم علي تقاضاني، فأقول له: هذا أمر لا يصلح بواحد، ما أطاقته الأنبياء حتى عقدت عليه من السماء, وهذه فريضة ليست كسائر الفرائض، لأن سائر الفرائض يقوم بها الرجل وحده، وهذا متى أمر به الرجل وحده أشاط بدمه، وعرَّض نفسه للقتل، فأخاف عليه أن يعين على قتل نفسه، وإذا قتل الرجل لم يجترئ غيره أن يعرض نفسه، ولكنه ينتظر، وقد قالت الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
ثم خرج إلى مرو حيث كان أبو مسلم فكلمه بكلام غليظ، فأخذه، فاجتمع عليه فقهاء أهل خراسان وعبّادهم حتى أطلقوه، ثم عاوده فزجره، ثم عاوده ثم قال: ما أجد شيئًا أقوم به لله تعالى أفضل من جهادك، ولأجاهدنك بلساني ليس لي قوة بيدي، ولكن يراني الله وأنا أبغضك فيه فقتله.

ونرى هنا أن أبو حنيفة كان يرى أن يتجمع المسلمون على رجل صالح ويتحدوا على مهم القيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، نعم يرسى ابو حنيفة هذا الامر بقوله " إن قام به رجل وحده قتل، ولم يصلح للناس أمر، ولكن إن وجد عليه أعوانًا صالحين ورجلاً يرأس عليهم مأمونًا على دين الله لا يحول. وكان كلما قدم علي تقاضاني، فأقول له: هذا أمر لا يصلح بواحد، ما أطاقته الأنبياء حتى عقدت عليه من السماء, وهذه فريضة ليست كسائر الفرائض، لأن سائر الفرائض يقوم بها الرجل وحده"

الشيخ الدكتور عبد الله عزام ـ رحمه الله ـ

إذا كان هذا هو حال البشرية اليوم من الفساد، والانحلال والشقاء والضنك فالخلاص يمكن في تكوين جماعة إسلامية، تأمر بالمعروف، وتنهي عن المنكر، وتتحمل تكاليف الدعوة إلى الله.


الشيخ محمد بن عبدالوهاب إمام السلفية المعاصرة والعمل الجماعي.ونضرب مثالا بالإمام محمد بن عبدالوهاب "الذي أسس جماعة عاملة للدعوة إلى الله، ولم ينتظر إذن خليفة المسلمين في الأستانة آنذاك ولا نائبه الشريف بمكة، ولا أمرائه المتفرقين في نجد والجزيرة، وذلك بعد أن عم الجهل وانتشر الشرك، وفشا الزنا، وتركت أحكام الإسلام.. ولذلك أسس شيخ الإسلام ابن عبدالوهاب جماعة وعهداً وبيعة، بل نظاماً سياسياً كاملاً مصغراً بدءاً بالدعوة إلى التوحيد ونشر الإسلام وتعليم أحكامه، وانتهى بالقتال في سبيل الله دفاعاً عن النفس والعقيدة وهو في كل ذلك لم يعلن خروجاً عن الخلافة، ولا أنه هو وحده الجماعة الإسلامية، وإن كان أعداؤه قد اتهموه بذلك.. ولكنه بريء من ذلك فما كان إلا داعياً إلى الله على بصيرة، قائماً بدعوة جماعية على مقتضى الكتاب والسنة، تبغي عز الإسلام ونصره، وإعلاء كلمة الله في الأرض، وقد حقق الله له مراده فها نحن نعيش آثار بركة دعوته، وثمرة جهاده..

والخلاصة أن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب قد أقام مشروعه لنصر الإسلام على العمل الجماعي فأسس هو والإمام محمد بن سعود النواة المباركة للدعوة والجهاد الذي أثمر تطهير الجزيرة من الشرك والخرافة، ومن ثم إقامة شرع الله في الأرض ولم ينتظر في ذلك إذن الخلافة، التي كانت تبسط سلطانها على العالم الإسلامي كله من وسط أوروبا والمحيط الأطلسي غرباً إلى حدود إيران شرقاً، ومن القرم والبحر الأسود في أواسط آسيا شمالاً إلى بحر العرب جنوباً.. وينضوي تحت لوائها أكثر من مائتي مليون مسلم في ذلك الوقت.

الشيخ بن باز سئل الشيخ بن باز هل تعتبر قيام جماعات إسلامية في البلدان الإسلامية لاحتضان الشباب وتربيتهم على الإسلام من إيجابيات هذا العصر؟

فأجاب : وجود هذه الجماعات الإسلامية فيه خير للمسلمين ، ولكن عليها أن تجتهد في إيضاح الحق مع دليله وأن لا تتنافر مع بعضها ، وأن تجتهد بالتعاون فيما بينها ، وأن تحب إحداهما الأخرى ، وتنصح لها وتنشر محاسنها ، وتحرص على ترك ما يشوش بينها وبين غيرها ، ولا مانع أن تكون هناك جماعات إذا كانت تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

ما هى ضوابط الجماعات الاسلامية؟

1- تحافظ ابتداء على عقيدة صحيحة تنطلق من الكتاب والسنة.

2- تنتهج وسائل وأساليب لا تخالف روح الإسلام وشرائعه.

3- لا تعتبر نفسها جماعة المسلمين بل جماعة من المسلمين.

4- لا تعتبر نفسها فى خصومة او عداء مع الجماعات الأخرى على الساحة.

5- أن تحمل العذر لمن اختلف معها فى المنهج والوسائل، كما قال الشيخ سيد رضا "أن نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه"

6- جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالسعودية ما يلي :
وجود هذه الجماعات الإسلامية فيه خير للمسلمين، ولكن عليها أن تجتهد في إيضاح الحق مع دليله وأن لا تتنافر مع بعضها وأن تجتهد بالتعاون فيما بينها، وأن تحب إحداهما الأخرى، وتنصح لها وتنشر محاسنها وتحرص على ترك ما يشوش بينها وبين غيرها، ولا مانع أن تكون هناك جماعات إذا كانت تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وعليهم أن يترسموا طريق الحق ويطلبوه، وأن يسألوا أهل العلم فيما أشكل عليهم، وأن يتعاونوا مع الجماعات فيما ينفع المسلمين بالأدلة الشرعية، لا بالعنف ولا بالسخرية، ولكن بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن، وأن يكون السلف الصالح قدوتهم والحق دليلهم، وأن يهتموا بالعقيدة الصحيحة التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم.
وكل من هذه الفرق فيها حق وباطل، وخطأ وصواب، وبعضها أقرب إلى الحق والصواب وأكثر خير وأعمُّ نفعاً من بعض، فعليك أن تتعاون مع كل منها على ما معها من الحق وتنصح لها فيما تراه خطأ، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك."
7- وصية بن باز : أن يترسموا طريق الحق ويطلبوه ، وأن يسألوا أهل العلم فيما أشكل عليهم ، وأن يتعاونوا مع الجماعات فيما ينفع المسلمين بالأدلة الشرعية ، لا بالعنف ولا بالسخرية ، ولكن بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن وأن يكون السلف الصالح قدوتهم ، والحق دليلهم ، وأن يهتموا بالعقيدة الصحيحة التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم .

جاء فى رسالة دعوتنا لموسس جماعة الأخوان المسلمين ومرشدها الأول الإمام حسن البنا الكلام التالى حول أسباب الخلافات وموقف الإخوان منها:
" أتحدث إليك الآن عن دعوتنا أمام الخلافات الدينية و الآراء المذهبية.


نجمع ولا نفرق
اعلم ـ فقهك الله ـ أولا: أن دعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة لا تنتسب إلى طائفة خاصة، ولا تنحاز إلى رأي عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وهي تتوجه إلى صميم الدين ولبه، وتود أن تتوحد وجهة الأنظار والهمم حتى يكون العمل أجدى والإنتاج أعظم وأكبر، فدعوة الإخوان دعوة بيضاء نقية غير ملونة بلون، وهي مع الحق أينما كان، تحب الإجماع، وتكره الشذوذ وإن أعظم ما مني به المسلمون الفرقة والخلاف، وأساس ما انتصروا به الحب والوحدة. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، هذه قاعدة أساسية وهدف معلوم لكل أخ مسلم، وعقيدة راسخة في نفوسنا، نصدر عنها وندعو إليها.

الخلاف ضروري

ونحن مع هذا نعتقد أن الخلاف في فروع الدين أمر لا بد منه ضرورة، ولا يمكن أن نتحد في هذه الفروع والآراء والمذاهب لأسباب عدة: منها اختلاف العقول في قوة الاستنباط أو ضعفه، وإدراك الدلائل والجهل بها والغوص على أعماق المعاني، وارتباط الحقائق بعضها ببعض، والدين آيات وأحاديث ونصوص يفسرها العقل والرأي في حدود اللغة وقوانينها، والناس في ذلك جد متفاوتين فلا بد من خلاف.

ومنها سعة العلم وضيقه، وإن هذا بلغه ما لم يبلغ ذاك والآخر شأنه كذلك، وقد قال مالك لأبي جعفر: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار وعند كل قوم علم، فإذا حملتهم على رأي واحد تكون فتنة.

ومنها اختلاف البيئات حتى أن التطبيق ليختلف باختلاف كل بيئة، وإنك لترى الإمام الشافعي رضي الله عنه يفتي بالقديم في العراق ويفتي بالجديد في مصر، وهو في كليهما آخذ بما استبان له وما اتضح عنده لا يعدو أن يتحرى الحق في كليهما.

ومنها اختلاف الاطمئنان القلبي إلى الرواية عند التلقين لها، فبينما نجد هذا الراوي ثقة عند هذا الإمام تطمئن إليه نفسه وتطيب بالأخذ به، تراه مجروحا عند غيره لما علم عن حاله.

ومنها اختلاف تقدير الدلالات فهذا يعتبر عمل الناس مقدما على حبر الآحاد مثلا، وذاك لا يقول معه به، وهكذا..


الإجماع على أمر فرعي متعذر

كل هذه أسباب جعلتنا نعتقد أن الإجماع على أمر واحد في فروع الدين مطلب مستحيل، بل هو يتنافى مع طبيعة الدين، وإنما يريد الله لهذا الدين أن يبقى ويخلد ويساير العصور، ويماشي الأزمان، وهو لهذا سهل مرن هين، لين، لا جمود فيه ولا تشديد.

نعتذر لمخالفينا:

نعتقد هذا فنلتمس العذر لمن يخالفوننا في بعض الفرعيات، ونرى أن هذا الخلاف لا يكون أبدا حائلا دون ارتباط القلوب وتبادل الحب والتعاون على الخير، وأن يشملنا وإياهم معنى الإسلام السابغ بأفضل حدوده، وأوسع مشتملاته، ألسنا مسلمين وهم كذلك؟ وألسنا نحب أن ننزل على حكم اطمئنان نفوسنا وهم يحبون ذلك؟ وألسنا مطالبين بأن نحب لإخواننا ما نحب لأنفسنا؟ ففيم الخلاف إذن؟ ولماذا لا يكون رأينا مجالا للنظر عندهم كرأيهم عندنا؟ ولماذا لا نتفاهم في جو الصفاء والحب إذا كان هناك ما يدعو إلى التفاهم؟

هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخالف بعضهم بعضا في الإفتاء فهل أوقع ذلك اختلافا بينهم في القلوب؟ وهل فرق وحدتهم أو فرق رابطتهم؟ اللهم لا وما حديث صلاة العصر في قريظة ببعيد.

وإذا كان هؤلاء قد اختلفوا وهم أقرب الناس عهدا بالنبوة وأعرفهم بقرائن الأحكام، فما بالنا نتناحر في خلافات تافهة لا خطر لها؟ وإذا كان الأئمة وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله قد اختلف بعضهم مع بعض وناظر بعضهم بعضا، فلم لا يسعنا ما وسعهم؟ وإذا كان الخلاف قد وقع في أشهر المسائل الفرعية وأوضحها كالأذان الذي ينادى به خمس مرات في اليوم الواحد، ووردت به النصوص والآثار، فما بالك في دقائق المسائل التي مرجعها إلى الرأي والاستنباط؟

وثم أمر آخر جدير بالنظر، إن الناس كانوا إذا اختلفوا رجعوا إلى (الخليفة) وشرطه الإمامة، فيقضي بينهم ويرفع حكمه الخلاف، أما الآن فأين الخليفة؟ وإذا كان الأمر كذلك فأولى بالمسلمين أن يبحثوا عن القاضي، ثم يعرضوا قضيتهم عليه، فإن اختلافهم من غير مرجع لا يردهم إلا إلى خلاف آخر.

يعلم الإخوان المسلمون كل هذه الحيثيات، فهم لهذا أوسع الناس صدرا مع مخالفيهم، ويرون أن مع كل قوم علما، وفي كل دعوة حقا وباطلا، فهم يتحرون الحق ويأخذون به، ويحاولون في هوادة ورفق إقناع المخالفين بوجهة نظرهم. فإن اقتنعوا فذاك، وإن لم يقتنعوا فإخوان في الدين، نسأل الله لنا ولهم الهداية.

ذلك منهاج الإخوان المسلمين أمام مخالفيهم في المسائل الفرعية في دين الله يمكن أن أجمله لك في أن الإخوان يجيزون الخلاف، ويكرهون التعصب للرأي، ويحاولون الوصول إلى الحق، ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب."

المنظومة الشكلية لجماعة الإخوان ... الاسم


السادة الزوار الكرام

لأى مؤسسة أو كيان منظومة شكلية تعبر عنه، تتكون هذه المنظومة غالبا من عناصر ثلاثة

1- الاسم
2- رمز "شعار مرسوم"
3- شعار مختصر

وجماعة الإخوان المسلمين، لم تشذ عن القاعدة فلديها العناصر الثلاثة بما تحمله هذه العناصر من تساؤلات حولها

1- الاسم "جماعة الاخوان المسلمين
2- رمز الجماعة "مصحف وسيفان"
3- شعار الجماعة "الله غايتنا – الرسول زعيمنا – القرآن دستورنا – الجهاد سبيلنا – الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا"

ونركز فى هذه الحلقة الثانية فى الحوار حول اسم الجماعة

نناقش فيه أربعة أسئلة

1- هل أنتم مسلمون ومن سواكم غير مسلمين؟
2- لماذا جماعة وليست حزب أو جمعية؟
3- لماذا تحديدا "الاخوان المسلمين"؟
4- ولماذا الزج بكلمة اسلام فى الاسم؟

فإلى الحوار، وأؤكد على الحضور أن هذه الحلقة هى فقط لمناقشة الاسم وليس عن تطبيقات الجماعة أو سلوكها والتزاما بالاسم، فلاحقا هناك حلقة كاملة لمطابقة أدبيات الجماعة من اسم وأهداف وشعارات ومرجعيات مع أعمالها على الأرض ومع واقعها.

س : قبل أن نبدأ أى كلام سؤال مبدأى

"أنتم اخوان مسلمون وغيركم لا اخوان ولا مسلمين"؟!!!!

اجابة هذا السؤال وهذه الاشكالية، لا ترتبط فقط باسم جماعة "الإخوان المسلمين" ولكنها قاعدة عامة، فبشكل عام ليس معنى أن يتسمى شخص باسم ، أنه هو الوحيد صاحب هذا الاسم أو صاحب الصفات التى يدل عليها الاسم وأن غيره يكون عكس هذا الاسم أو لا تنطبق عليه صفات الاسم.

فمثلا ... الحزب الوطنى ... لا يعنى أن أفراده وطنيون وغيرهم غير وطنين وخائنين
ومثلا ... النادى المصرى .... لا يعنى أن باقى الأندية والفرق غير مصرية أو أجنبية
ومثلا ... شخص اسمه كريم ... لا يعنى أنه شخص كريم معطاء ومن عاداه هم بخلاء
ومثلا ... فتاة اسمها جميلة ... لا يعنى أنها الوحيدة من بنات حواء جميلة وأن غيرها قبيحات
ومثلا ... مطعم مؤمن ... لا يعنى ان ما عداه من مطاعم هو مطعم عاصى أو مذنب
ومثلا ... الجمعية الشرعية ... ليس معناه انها تعنى بالشريعة وانها شرعية وأن غيرها غير شرعى

قد تكون الآن غير معترض تماما على فكرة أن التسمى باسم معين لا يقصر صفات الاسم على من يسمى به، ولا ينفى صفات الاسم عن الآخرين، ولكن يظهر لنا سؤال آخر ملح هو .....

س: اذا أولا لماذا جماعة وليست حزب أو جمعية أو نادى أو .... ؟
لأن جماعة الاخوان المسلمين تتعدد نشاطاتها ما بين دعوة وتوجيه للمجتمع وبين محاضن تربوية لأفرادها. وما بين نشاطات سياسية اقتصادية وبين خدمات اجتماعية وتربية روحية.
إذا ليس ممكنا أن يطلق عليها حزبا أو جمعية او أسماء أخرى لا تعبر عن تنوع مجالاتها وفعالياتها. وعنها يقول مؤسسها

"وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، إن الإخوان المسلمين :

( 1 ) دعوة سلفية : لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.

( 2 ) وطريقة سنية : لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا .

( 3 ) وحقيقة صوفية : لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ، ونقاء القلب ، والمواظبة علي العمل ، و الإعراض عن الخلق ، والحب في الله ، والارتباط علي الخير .

( 4 ) وهيئة سياسية : لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج ، وتربية الشعب علي العزة والكرامة والحرص علي قوميته إلي أبعد حد .

( 5 ) وجماعة رياضية : لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (إن لبدنك عليك حقاً) و إن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدي كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، ولأنهم تبعاً لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيراً من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .

( 6 ) ورابطة علمية ثقافية : لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة ، ولأن أندية الأخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح .

( 7 ) وشركة اقتصادية : لأن الإسلام يعني بتدبير المال و كسبه من وجهه وهو الذي يقول نبيه صلي الله عليه وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) ويقول : (من أمسي كالاً من عمل يده أمسي مغفوراً له) ، (إن الله يحب المؤمن المحترف)

( 8 ) وفكرة اجتماعية : لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامي ويحاولون الوصول إلي طرق علاجها وشفاء الأمة منها .


وهكذا نري أن شمول معني الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولاً لكل مناحي الإصلاح ، ووجه نشاط الإخوان إلي كل هذه النواحي ، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلي ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليها جميعاً ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعاً


و يقول الامام البنا أيضا:

أيها الإخوان المسلمون ...

بل أيها الناس أجمعون ...

لسنا حزباً سياسياً , وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..

ولسنا جمعية خيرية إصلاحية ، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..

ولسنا فرقاً رياضية ، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..

لسنا شيئاً من هذه التشكيلات ، فإنها جميعاً تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة ، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة ، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.

ولكننا أيها الناس : فكرة وعقيدة ، ونظام ومنهاج ، لا يحدده موضع , ولا يقيده جنس ، ولا يقف دونه حاجز جغرافي ، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها , ذلك لأنه نظام رب العالمين ، ومنهاج رسوله الأمين


ويقول فى مجال آخر

هل أنتم طريقة صوفية ؟ أم مؤسسة اجتماعية ؟ أم حزب سياسي ؟ كونوا واحداً من هذه الأسماء والمسميات لنعرفكم بأسمائكم وصفتكم .

فقولوا لهؤلاء المتسائلين : نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة :

ـ طريقة صوفية نقية : لإصلاح النفوس وتطهير الأرواح وجمع القلوب علي الله العلي الكبير .

ـ وجمعية خيرية نافعة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتواسي المكروب وتبر بالسائل والمحروم وتصلح بين المتخاصمين .

ـ ومؤسسة اجتماعية قائمة : تحارب الجهل والفقر والمرض والرذيلة في أية صورة من الصور .

ـ وحزب سياسي نظيف يجمع الكلمة ويبرأ من الغرض ويحدد الغاية ويحسن القيادة والتوجيه .


س: لماذا مفردات هذا الاسم كلمة "الاخوان" وكلمة "المسلمين "؟؟


أولا علينا بداية أن نقر بعدة أمور :

1- لا نحجر على أى شخص أو جماعة أو حزب أن يختار الاسم الذى يروقه مادام لا يخالف الثوابت الدينية والقيم والعادات والتقاليد.

2- أن الاسم فى الغالب يكون اختياره بناء على سبب ربما رؤية معينة او فكرة أو نموذج يتمناه صاحبه، أو هدف يرجوه.
فحين اسمى ابنى مثلا محمد أملا فى أن يكون مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحين اسمى ابنتى مثلا مريم فيكون حبا لسيدتنا مريم عليها السلام، وهكذا ..

الحزب الوطنى الديموقراطى مثلا ..... يعنى أنه حزب نابع من الوطنية وقائم لمناقشة القضايا الوطنية ومنهجه فى ذلك النهج الديموقراطى
حزب الغد ... أى انه حزب يتطلع لغد مشرق لمصر، وأن الأمل أن يكون المستقبل والغد لهذا الحزب

3- أن الاسم يكون بمثابة ومضة و أشبه بعنوان المقال لصاحبه ولكنه بالتأكيد ليس كل الشخص أو الكيان وليس كل تفاصيل الموضوع والمقال

ثانيا: أما بالنسبة للإخوان المسلمين

الإخوان --- أى أن هذه الجماعة تبنى العلاقة بين أفرادها على الترابط والتعاون والتكامل فى أجمل صوره وليس هناك أفضل من الأخوة، لذا استخدمت لفظة الإخوان للتعبير عن هذه الروح التى تتمناها الجماعة بين أفرادها وتبثها فيهم.
وفى هذا يقول مؤسسها الإمام البنا :


أُخــوّة

واذكروا جيداً أيها الإخوان .. أن كل شعبة من شعبكم وحدة متصلة الروح مؤتلفة القلوب ، جمعتها الغاية السامية علي هدف واحد وأمل واحد وألم واحد وجهاد واحد ، وأن هذه الوحدات المؤتلفة يرتبط بعضها ببعض ويتصل بعضها ببعض ويحن بعضها إلى بعض ويقدر بعضها بعضاً ، وتشعر كل أمة منها أنها لا تتم إلا باخوتها ولا تكمل أخوتها إلا بها ، كلبنات البناء المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وأنها جميعاً ترتبط بمركزها العام أوثق ارتباط وأسماه وأعلاه ، روحياً وإدارياً وعملياً ومظهرياً ، وتدور حوله كما تدور المجموعة المتماسكة من الكواكب المنيرة حول محورها الجاذب وأصلها الثابت ، لتحقق بذلك قول الله تبارك وتعالي : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) .


المسلمون --- هى اشارة سريعة لمنطلق هذه الجماعة الذى تدعيه وهو المنطلق الاسلامى، مرورا بأن ضوابطها وقيمها مستقاة من الاسلام، وانتهاء بالهدف الذى تدعى الجماعة أنها تسعى اليه وهو نشر سماحة الاسلام ومبادئه كما سنفسر لاحقا فى أهداف الجماعة.
وأن أفرادها "الاخوان المسلمون"يتم اختيارهم بناء على استعدادهم للبذل لهذا الاسلام والعمل له.


بقى لنا سؤال بسيط أخير فى هذا الجزء حول اسم الجماعة وهو

سؤال يطرح نفسه وبشدة الآن ولماذا ادخال الاسلام فى الموضوع فلماذا لا يكون الاسم مثلا "الاخوان" فقط أو أى اسم آخر بعيدا عن الاسلام؟

أولا كما قلنا فى السؤال السابق ليس هناك من سبب يمنع أن يتخذ أى فرد الاسم الذى يراه مناسبا بما فى ذلك لفظة الاسلام او الدين ، كما قد يسمى أحدهم نفسه صلاح الدين أو نصير الاسلام أو محب الاسلام أو مسلم اونلاين

أما بالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين فأقتبس مقولة بسيطة قالها مفكر قبطى يدعى "رفيق حبيب" عن سبب استخدامهم لكلمة الاسلام خاصة بالاضافة للأسباب التى ذكرناها فى السؤال ماضى، يقول رفيق حبيب:" أنه أثناء وجود الخلافة الاسلامية حقيقة وواقع على الأرض لم تكن الجهات والجماعات لتتسمى بمثل هذه الاسماء وانما أسماء فرعية حسب الاختلافات بينها، أما بعد سقوط الخلافة الاسلامية فقد ظهرت الجماعات بأسماء اسلامية فى محاولة للحفاظ على مفهوم الوحدة الاسلامية وكخطوة لاعادة تلك الخلافة الاسلامية فظهرت جماعة الاخوان المسلمين، والجماعة الاسلامية و......"


بهذا نكون قد انتهينا من توضيح الاسئلة المتعلقة باسم " جماعة الإخوان المسلمين"

يعنى ايه إخوان ؟؟



أكيد سمعت عن الإخوان المسلمين يمكن فى صفحة الحوادث وأخبار الاعتقالات وميليشيات الأزهر

يمكن سمعت عنهم أيام الانتخابات سواء كانت مجالس الشعب او الشورى او حتى النقابات او الاتحادات الطلابية والعمالية

يمكن سمعت عنهم وعن تنظيم دولى للإخوان المسلمين، وحزب فى البلد الفلانى أو القطر العلانى بيحمل فكر الإخوان المسلمين

يمكن سمعت عنهم فى كتب التاريخ سطور بتمدح فيهم وسطور أخرى بتنقد فى تاريخهم وماضيهم

يمكن سمعت عن الإخوان من واحد صاحبك هو وا حد منهم أو واحد صاحبك بيعارضهم أو بيكرههم

يمكن ويمكن ويمكن ... وأكيد وسط كل هذه الاحتمالات كان دايما ليك أسئلة عن جماعة الإخوان، ابتداء من اسمهم ونشاتهم ومرورا بأفكارهم وأساليبهم ومواقفهم وانتهاء بأهدافهم ورؤيتهم للمستقبل.

فى هذه النافذة الصغيرة "يعنى ايه إخوان ؟؟ " هنحاول نجاوب على كل هذه الأسئلة ونناقش بعض القضايا فى فكر الإخوان ونقف أمام بعض مواقفهم.

وليس المحرك والدافع لكتابة هذه السطور وهذا الشرح هو من باب الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين وحسب، ولكنه فى الأساس محاولة لتقديم صورة عن تلك الجماعة التى تحمل المشروع الإسلامى الذى يؤمن به البعض ويرون فيه الخلاص من المشاكل التى نحياها ويعتقدون أن لدى المشروع الإسلامى الجواب لكل الطلاسم التى تحيا فيها بلادنا وأمتنا.

ويهمنا جدا مشاركتكم بالأسئلة والاستفسارات